الجمعة 28-10 -2011 م الموافق غرة شهر ذي الحجة 1432هـ المبشرات بنصر الإسلام في القرآن والسنة
الحمد لله واهب الحياة .....الحمد لله مسير الأوقات ......الحمد لله ضامن الأرزاق والأقوات .....الحمد لله الذي بيده أمر الأحياء والأموات .
نحمده تعالي ونشكره ونخلع ونعادي من يفجره .
وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد ....الفرد الصمد ...الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ....أنزل تعالي في كتابه علي لسان نبي الله موسي عليه السلام (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)
وأشهد سيدنا محمدا رسول الله أرسله ربه بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون ولو كره الكافرون ، علمنا – صلي الله عليه وسلم – (والله ليتمن الله هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت لا يخشي إلا الله والذئب علي غنمه ولكنكم قوم تستعجلون )
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 102-آل عمران)
الله سبحانه نسأل أن يجعل زادنا التقوى ......وغذائنا الإيمان .....وشفائنا القرآن .....ودافعنا الشوق إليه .....وموصلنا الفقر والاحتياج والخضوع والتذلل بين يديه ......وأن يجعل خاتمتنا الجنة.
اللهم ونسألك في مثل هذه الأيام أن تجعلنا تجاه بيتك الحرام ميممين ، وحول الكعبة المشرفة من الطائفين ، وعند الملتزم من الباكين ، وللحجر الأسود من المستلمين ، ولكافة المشاعر من المؤدين ، اللهم واكتب لنا رزقنا من زمزم، ونصيبنا من الجلوس في الروضة الشريفة .....ومتعنا في جنة الخلد بالنظر لوجهك الكريم. اللهم آمين
أحبتي في الله : ان لمشهد الحجيج أثره في القلب ....إذ كيف تختلف المشارب والأجناس واللغات واللهجات والعادات ثم يذوب كل ذلك عند البيت وصدق الله إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92الأنبياء) ، وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52المؤمنون)
نعم أمة واحدة ، ربها واحد ، ورسولها واحد ، ودينها واحد ، وكتابها واحد ، وشريعتها واحدة ، ونسك عبادتها واحدة ، ولغة عبادتها واحدة ، وقبلتها واحده ، ومقدساتها واحدة ، فهي أمة واحدة مهما اجتهد وخطط ودبر أعدائها لزرع بذور الفرقة فيها ، وهذا مما يؤكد روح الأمل التي نحاول تعميقها للقاء الثاني علي التوالي بأننا علي وعد من ربنا بنهضة لن يوقفها أحد ، وقيام لم يشهده أحد ، وازدهار لم يصل إليه أحد ، وموفور خير ورزق لم يناله أحد ، وإنا إن شاء الله مستبشرون ،
مستبشرون ....لأننا الأمة الشاهدة .
مستبشرون ......لأننا الأمة الخاتمة وصاحبة الرسالة الخاتمة ووارثة الرسول الخاتم .
مستبشرون... لأنها ليست حربا بين المسلمين وأعدائهم -وإن كان ظاهرها كذلك – ولكنها في حقيقتها حرب بين الله وبين من مر ق عن طريقه وكفر بعبادته وارتضي غيره حكما ،وقبل غير كتابه شريعة ومنهاجا .
مستبشرون... لأن الله سبحانه من رحمته بعباده المؤمنين ، ومن تفضله سبحانه ومنه عليهم جعلهم جنده وحزبه وأوليائه
المؤمنون يقفون أمام الكافرين ملتزمين بمنهج ربهم في وقوفهم ، كما أمرهم يفعلون ، لا يترددون ولا يفرون ، واثقين بنصره ، حافظين لعهده ، مستمسكين بوعده ، راغبين في جنته ، راهبين لناره ، مسلمين الأمر له ، معتمدين عليه ، لاجئين إليه .
إن هم فعلوا ذلك كان هو –سبحانه وتعالي جلت قدرته- المدافع عنهم ، الحامي لهم ، المؤيد لقوتهم ،الناصر لجيشهم ، الناشر لفكرتهم ، المنتقم من عدوهم ، واسمعوا وأنصتوا لكلام العلي الأعلى –سبحانه وتعالي _ حتي تفهموا المعركة علي حقيقتها وتدركوا الصدام بكامل أبعاده( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 17-الأنفال) (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا،وَأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ،الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا15-16-17الطارق)
ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين )
أيها المسلمون المعتزون بربهم سبحانه هذا الإله العظيم الجليل الكبير ، هذا الإله الرحيم الكريم الودود : يبشركم ربكم في كتابه فيقول (وكان حقا عينا نصر المؤمنين ) .
والله لو لم ينزل من آيات البشري غير هذه الآية لكفت،هكذا بهذه الصياغة العجيبة المعجزة(وكان حقا عينا نصر المؤمنين) .
هذا الإله القادر المقتدر يتعهد بنصر المؤمنين ، ويجعل هذا العهد حقا عليه سبحانه وتعالي ، وحتى لا يشط الخيال بأحدنا فيظن أن هذا النصر يكون في الآخرة فقط بدخول الجنة أما الدنيا فليسدها دوما غير المسلمين ، قال سبحانه (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ 51-غافر)
هكذا الوعد ، نصر في الدارين ، فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، والشرط واضح في الآتين
فقط إذا وجد المؤمنون ، فلا بد لهم النصر ، هكذا الوعد وهو سبحانه لا يخلف الميعاد (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ النور-55)
فإذا توفر الإيمان والعمل الصالح والعبادة الخالصة دون الشرك به سبحانه ، كان الاستخلاف في الأرض ، وكان التمكين للدين ، وكان الأمن بعد الخوف ، من الذي وعد بذلك ، إنه الله جبار السموات والأرض مالك الملك ذو الجلال والإكرام سبحانه وتعالي جل شانه وتقدست أسمائه .
وانظروا معي إلي هذه الصورة الرائعة الجلية التي جسدت أحد صور النصر والتمكين الجزئي للمسلمين في أحد جولاتهم مع اليهود وتحديدا في غزوة بني النضير ، يقول تعالي( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ الحشر-2)
( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ..أنتم أيها المؤمنون المقاتلون لما رأيتم مناعة الحصون وبأسها ظننتم أن اليهود لن يهزموا ، مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا –أي اليهود -أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ-وما النتيجة - فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ-وما هو المطلوب بعد ذكر هذه القصة - فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ )
الغاية من القصة أن نعتبر ، فالقرآن ليس تأريخا لما سبق لمجرد التاريخ ،فالقرآن كتاب ينبض بالحياة ويهدي إلي صراط مستقيم ، وهو منهج حياة .
أيها المسلمون المعتزون برسولهم –صلي الله عليه وسلم- ألم تسمعوا إلي قول رسولكم وحبيبكم محمد –صلي الله عليه وسلم- وهو يقول في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله عن ثوبان –رضي الله عنه – (إن الله زوي لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها )
نعم يا إخواني : سيبلغ ملك المسلمون مشارق الأرض ومغاربها بكل ما تحمله الكلمة من معاني .
ألم تسمعوا إلي قول مرشدكم وقدوتكم محمد –صلي الله عليه وسلم- وهو يقول في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والطبراني وابن حبان عن تميم الداري –رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله –صلي الله عليه وسلم- يقول (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر )
(ليبلغن هذا الأمر –يعني الإسلام – ما بلغ الليل والنهار –أي كل الأرض ، وأي جزء في الأرض لا يبلغه الليل والنهار ؟!- ولا يترك بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين _والمدر هو الحجر أي بيوت المدن ، والوبر هو الشعر أي بيوت البادية ،والمعني أن كل البيوت علي وجه الأرض سيدخلها الإسلام - ولا يترك بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر )
وعود من الصادق المصدوق–صلي الله عليه وسلم- وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى .
بل اسمع وتأمل لما رواه الإمام أحمد عن أبي قبيل -رحمه الله – قال : كنا عند عبد بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما– وسئل أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أم رومية ، فدعا بصندوق له حلق ، قال : فأخرج منه كتابا ثم قرأ : بينما نحن حول رسول الله نكتب إذ سئل –صلي الله عليه وسلم- أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أم رومية ؟،فقال–صلي الله عليه وسلم- مدينة هرقل تفتح أولا –أي القسطنطينية‑، والقسطنطينية هي عاصمة الدولة الرومانية الشرقية آن ذاك –اسطنبول حاليا -، ورومية هي عاصمة الدولة الرومانية الغربية آن ذاك –روما حاليا -، وكانتا معاقل النصرانية في العالم يومئذ .
ويفهم من الحديث أن الصحابة كانوا يعلمون منه –صلي الله عليه وسلم-أن كلتا المدينتين ستفتحان ولكنهم كانوا يسألون عن أي المدينتين ستفتح أولا .
وقد تحققت البشارة النبوية بعد أكثر من ثمانمائة سنة ، وفتحت القسطنطينية في 20 من جمادي الأولي عام 857هـ الموافق 29مايوعام 1453م علي يد الفتي السلطان العثماني المجاهد محمد الفاتح ،وستحدث البشارة الثانية لا محالة وسيدخل الإسلام روما عاصمة ايطاليا .
والعجيب يا إخواني أن محمد الفاتح كان يعد العدة لفتح رومية فلقد اتسعت الفتوحات في عهده حتي رفعت الرايات المحمدية علي الكثير من العواصم الكبرى في أوربا وأخضعت الكثير من الممالك والإمارات للحكومة الإسلامية ، وأخذ ظل الإسلام يمتد حتي أوشكت جيوش المسلمين في شرق أوربا وغربها أن تلتقي علي أبواب روما ولكن الرجل وافته المنية وحالت الأقدار دون استكمال الفتح ، وذلك حتي تبقي بشارة الرسول–صلي الله عليه وسلم- تبعث الأمل في النفوس ، وحتى يبقي لنا شيء نفتحه ، ودور نقوم به غير التصفيق لأجدادنا الفاتحين .
اعقدوا معي العزم أننا إن شاء الله علي درب رسولنا سائرون ، وبتعاليم ديننا مستمسكون ، ولما بقي بعدك يا محمد الفاتح إنا إن شاء الله فاتحون، أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلي آله وصحبه
إخواني الكرام : ليس وعد الرسول لنا بفتح المدينتين فقط فقد وعد بفتح الأرض جميعها ، ووعد ربنا بنصر المؤمنين ولقد رأينا ذلك يتحقق في صفحات تاريخنا لا أقول أياما أو شهورا أو سنينا بل رأيناه قرونا عديدة ، وأزمنة مديدة ، وكان المسلمون دائما اقل عدادا وعدة هذا ما نتمم به حديثنا في لقائنا المقبل إن شاء الله
لكن وقبل الختام نؤكد علي بدأ أيام نحن علي وعد فيها بالتنافس في كل أنواع العمل الصالح (صيام –قيام-تلاوة للقرآن- ذكر الله كثيرا –الصدقة )فما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلي الله من هذه العشر فأروا الله من أنفسكم خيرا ولا تشغلنكم الدنيا عن سيركم المحقق إلي الله
وإن الدار الآخرة هي الحيوان لو كانوا يعلمون
اللهم إنا نسألك الاستقامة علي الأمر والعزيمة علي الرشد وأن تحسن أخلاقنا وتيسر أرزاقنا وأن تهدينا سبلنا ، اللهم أحسن خاتمتنا ويمن كتابنا ويسر حسابنا ومتعنا بالنظر إلي وجهك الكريم ، اللهم ويسر لنا حج بيتك الكريم ، اللهم واحقن دماء المسلمين ، اللهم وانصر دينك وعبادك وأوليائك ومكن للإسلام والمسلمين في ربوع الدنيا يا أرحم الراحمين اللهم وأهل علينا شهرنا هذا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام واجعله هلال خير ورشد علي الأمة جمعاء ، اللهم وامسح عن المسلمين أساهم وحزنهم وفقرهم وأذهب غيظ قلوبهم , اللهم ولا يأتي العيد إلا والإسلام عزيز ، وكل عام وامتنا أعز نصرا وأعلي قدرا وعلي صلح مع ربها ودينها
اللهم آمين وأقم الصلاة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق