لماذا اليأس يا أمتي – الجمعة 14-10 –المركز الإسلامي الثقافي كولون
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فهو المهتد ،ومن يضلل فلن تجد له هاديا .
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك ملكه ، والكون كونه ، والخلق خلقه ،والأمر أمره ، ولا إله غيره .
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ، أدي الرسالة ، وبلغ الأمانة ن ونصح للأمة ، وكشف الله به كل غمة ، وتركنا علي المحاجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تشمت بنا أعدءا ولا حاسدين ،
اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك ، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك ،
اللهم اغفر لنا خطيئتنا وجهلنا وإسرافنا في أمرنا وما أنت أعلم به مننا ، اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا ، وخطأنا وعمدنا ، وكل ذلك عندنا .
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
إخواني الكرام : إن النتيجة الطبيعية المترتبة علي إيمان ولد ، وروح تغذت ، وقلب تيقظ ، وتعاليم تجسدت واقعا حيا ملموسا هي بالتأكيد استقامة سلوكية ، وقوة أخلاقية ،ينتج عنها هناءة عيش ،وموفور رزق ، وبركة في النفس والمال والأهل (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض )، (وإن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده وجويرته ودويرات حوله ).
ولقد كان المعد له أن يكون الحديث عن هذه الوثبة الإيمانية والأخلاقية والسلوكية كيف نحققها ، ثم ما هو أثر ذلك علي الفرد والمجتمع ’ لكن أثناء الإعداد ومع تسارع الأحداث ، ومن خلال ردات الفعل المشاهدة ، ومن خلال مناقشات عديدة دارت ، أحسست بروح اليأس تطل برأسها ، وعندنا في الإسلام أن اليأس والإيمان لا يلتقيان ، وأنه (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )
مما أجبرني عن الحديث لدفع تلك الروح الخبيثة ، ومن ثم يتأتي لنا بعد ذلك الحديث عن الإيمان باعث النهضة ووقود البناء .
إخواني الكرام :
إن كثيرا من المسلمين يعتقدون أن سيادة المسلمين للعالم كانت تاريخا ، وأن المستقبل سوف يكون للشرق أو للغرب
وأكثرهم تفاؤلا يعتقدون أنه إذ كان الإسلام سيعود قائدا للأمم فإن هذا سيكون بعد عمر مديد ، وأجل بعيد ، لا نري ذلك نحن ولا أبنائنا ولا حتي أحفادنا .
في الحقيقة إخواني الكرام :
إنه لمن العجيب حقا أن تحبط امة تحمل كتابا مثل القرآن الكريم ، وحديثا مثل أحاديث رسولنا العظيم .
إنه من العجيب حقا أن تيأس أمة لها تاريخ مثل تاريخ المسلمين ، ورجالا مثل رجال المسلمين .
وإنه من العجيب حقا أن تقنط أمة تملك مقدرات مثل مقدرات المسلمين ، وكنوز مثل كنوز المسلمين
عجيب حقا أن تقنط هذه الأمة وربها يخاطبها في كتابه (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون )
لكنها حقيقة مشاهدة وواقع ملموس
والواقع ، أن غياب الأمل ، وضياع الحلم ، وتشتت الهدف كارثة مروعة ومصيبة مهولة لا يرجي مع وجودها نجاة ، ولذلك كانت وقفتنا لنحلل وندرس ، ولنتعلم ونفقه : لماذا وصلنا إلي ما صرنا إليه ؟! وما هو السبيل إلي قيام وسيادة وصدارة ومجد ؟.
أما لماذا صرنا إلي هذا الوضع ؟ فإن هذا يرجع إلي عدة عوامل ، وإلي تراكمات مختلفة
أولا: الواقع الذي يعيشه المسلمون من هزائم متكررة متلاحقة .
الواقع الذي يعيشه المسلمون من فرقة وتناحر وخيانات وعمالات .
الواقع الذي يعيشه المسلمون من فساد يزكم الأنوف ومن سرقات واحتيالات وتردي للأحوال السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية ا وان شئت فقل تردي في جميع المناحي في أوطاننا العربية والإسلامية .
الواقع الذي يعيشه المسلمون من دماء تنزف ، وأرواح تزهق ، وحرمات تستباح ، لا لشيء إلا لأن الناس تاقت نفوسهم إلي الحرية فارتفعت أصواتهم –فقط أصواتهم – مطالبة بالإصلاح
هذا الواقع إخواني الكرام قد يحمل البعض ، أو –دعنا نكن صرحاء – يحمل الكثيرين من المسلمين إلي الجزم بأن القيام من جديد إن لم يكن صعبا فهو ضرب من ضروب المستحيل .
هؤلاء الذين قنطوا ، لم يدركوا طبيعة هذا الدين ، لم يفهموا طبيعة هذه الأمة ، لم يفقهوا كيف هي سنن الله في الأرض
يا إخواني : إن الله سبحانه وتعالي شاءت حكمته أن يجعل الأيام دولا بين الناس (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ) فكما تعاني أمة الإسلام من القرح اليوم ، فقد كانت هناك أيام عاني فيها الآخرون من القروح بينما كانت امة الإسلام في سلامة وعافية .
كل الأمم تسود فترة وتتبع غيرها فترات ، وتقود زمنا وتنقاد لغيرها أزمانا ،بل كل الأمم تعيش مرة ثم تنمحي وتندثر أو تنزوي وينتهي ذكرها إلا أمة واحدة قد تنقاد لغيرها فترة من الفترات ، وقد تتبع غيرها زمانا من الأزمنة ،وقد تتدهور أحوالها لحين من الأحيان ، لكنها لا تموت أبدا
تلك هي أمة الإسلام
أين حضارة الرومان ؟! لم يبق إلا أطلال وأبنية .
أين حضارة الإغريق ؟! لم يبق منها إلا فلسفة فارغة ، ومعابد وثنية .
أين حضارة الفرس ؟!ماتت واندثرت ولم تترك مجدا ولا ميراثا .
أين حضارة الفراعنة ؟!لم يبق منها إلا جمادات وأبنية ، وجثث محنطة واوراق بالية
أين التتار وجيوشهم ؟!
أين الإمبراطورية الإنجليزية التي لا تغيب عنها الشمس ؟! تابع ذليل
أين الإمبراطورية الروسية القيصرية ثم الشيوعية البلشفية ؟! سقوط مروع
وسيأخذ غيرهم دورات ثم ينتهون ، وسيعلو شأنهم ثم يسقطون ، وسيسطع نجمهم ثم يأفلون (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) .
إلا أمة واحدة
ما سقطت إلا وكان بعد السقوط قياما ، وما ضعفت إلا وكان بعد الضعف قوة ، وما ذلت إلا وكان بعد الذل عزا
تلك هي أمة الإسلام
طبيعة هذه الأمة إخواني أنها أمة شاهدة علي غيرها من الأمم (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )، (وما من نبي بعث إلا وسيسأله الله يوم القيامة ، هل بلغت ؟ فيقول بلي يا ربي ، فيقول الله له من يشهد لك فيقول محمد وأمته )
حتي الأمم الغابرة قبل الإسلام سنشهد عليها بما جاءنا في كتاب ربنا ، والأمم الحاضرة المعاصرة سنشهد عليها بما رأيناه بأعيننا ، وقومناه بمنهاجنا وأحكامنا وشريعتنا ، وسنظل نشهد علي الأمم إلي يوم القيامة ، فنحن يا قومنا دائمون ما دامت الحياة ، وباقون ما بقيت الدنيا ، وغيرنا ولا شك مندثر وذاهب .
طبيعة هذه الأمة يا إخواني أنها تحمل الرسالة الخاتمة ، والكلمة الأخيرة من الله إلي خلقه ، فليس هناك رسول بعد رسولنا –ص- وليست هناك رسالة بعد الإسلام ، والله سبحانه تعهد بحفظ رسالته ، ونحن محفوظون بحفظ رسالة الله لأجل خير أهل الأرض جميعا (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ).
طبيعة هذه الأمة إخواني أنها الأمة الوحيدة ، التي كان من همها ورسالتها أن تعلم غيرها دون ثمن ولا أجر ، بل وقد يدفع المعلمون المسلمون مالا ،ويبذلون جهدا وعرقا ووقتا بل ونفسا حتي يعلموا غيرهم من الأمم.
ألم تكن الشعوب تغير علي الشعوب لتأخذ خيرها وتنهب أرضها وتقتل أهلها بينما كان المسلمون يضحون بأرواحهم ليستنقذوا الناس من جحيم الكفر والضلال إلي جنة الإيمان والهدي ، ومن براثن الجاهلية إلي وضاءة الإسلام .
ألم يقل ربعي بن عامر قولا ما تكرر في التاريخ علي لسان غير ألسنة المسلمين (إن الله إبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلي عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلي عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلي سعة الدنيا والآخرة ) (لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ).
هذه هي طبيعة هذه الأمة بقاؤها هو خير الأرض ، وذهابها فناء الأرض (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ).
إذا كانت هذه هي طبيعة هذه الأمة الإسلامية ، فلماذا الإحباط واليأس ؟ !
يبدوا أنه ليس الواقع وحده هو المسئول عن حالة الأمة ، يبدوا وأن وراء الأمور أمورا ، يبدوا وأن هناك من يدبر ويخطط ويكيد حتي يزرع بذور اليأس في قلوب المسلمين ، فمن هم المتآمرون وما هي وسائلهم ؟!
الحق أن هذه المؤامرة اشترك فيها الكثيرون .
اشترك فيها المستشرقون ، وهم طائفة من علماء الغرب ،أكل الغل قلوب معظمهم ، وحرق الحقد صدور غالبيتهم ، وأعمي الحسد بصائر جلهم ، فأقبلوا يتعلمون الإسلام ويدرسون تاريخه ورجاله ومناهجه ، لا ليهتدوا بهداه ، ولكن ليطعنوا فيه وليلبسوا علي المسلمين دينهم ، انتشرت كتاباتهم ، وعمت أفكارهم ، وطغي تحليلهم ، وباتوا شوكة في حلق المسلمين
وتبع هؤلاء المستشرقون طائفة أخري ، يحلو لي أن أسميها المستغربين ، وهم من أبناء المسلمين الذين افتتنوا بالغرب وتاقت نفوسهم إليه ، واستغل الغرب هذه الفرصة ليطعن الإسلام بأيدي أبناءه ، فمد يده إليهم ،وصنعوهم علي أعينهم ، ودسوا سمومهم في عقولهم ثم أعادوهم إلي أوطانهم الأصلية ليكونوا امتدادا لهم في داخل الأمة يحبطون أبناءها ويشككونهم في دينهم ويقنطونهم من القيام أو النهوض إلا بإتباع الغرب (شبرا بشبر وذراعا بذراع )
حتي إن بعضهم كان يقول (إن بلادنا لن تتقدم إلا إذا نقلت ما في لندن وباريس بحلوه ومره ، وبحسنه وسيئه ، وبمعروفه ومنكره ) عالم ويلبس لباس العلماء ثم هو يطعن في الدين طعنا .
ألم يذهب أحدهم إلي فرنسا وهو من أبناء الأزهر الحافظين للقرآن ، فتعلم هناك ثم عاد يعلم تلامذته أن ينقضوا القرآن فهذه آية قوية ، وتلك آية ضعيفة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا )
بل وكان يقول لتلامذته ليس معني أن القرآن ذكر وجود ابراهيم واسماعيل أن هذا أمرا حقيقيا ، لابد من وجود برهان ، وكان يقول لتلامذته إن الآيات المدنية أكثر نضجا من الآيات المكية ، وكأن هذا من تراكم الخبرة (تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا )، وكان يكتب عن تاريخ الصحابة وبالذات في زمن الفتنة وكان لا يتورع عن الطعن في كل من استطاع بلا خجل ولا مواربة ، ثم إذ به يترقي في المناصب ليصبح وزيرا للمعارف ليربي ويعلم ملايين التلاميذ علي أفكاره وضلالاته .
اشترك أيضا في المؤامرة علي الأمة المستعمرون الذين جسموا علي صدور جميع الدول العربية لعشرات السنين ، وحينما رحلوا تركوا الديار بين أياد خائنة لأمتها أمينة علي خطط أعدائها .
ماذا فعل كل أولئك ، لقد قاموا بجرائم عدة
أولا : زوروا التاريخ ، وهي جريمة بشعة لا يتسع المجال للخوض في تفصيلاتها ، كذبوا ، وزوروا ، وزيفوا ،والتقطوا الضعيف والموضوع ، وأعرضوا عن الصحيح والحسن ، ونقبوا عن المصائب –ولابد في تاريخ كل أمة مصائب – وتركوا الأمجاد والفضائل ، وركزوا فقط علي النزاعات السياسية ، وأغفلوا الجوانب الأخلاقية ، والعلمية ، والمعمارية، والعسكرية والإقتصادية ، والفكرية ، والأدبية ، بل والسياسية .
أساءوا التأويل عن عمد ، وطعنوا في الشرفاء عن قصد ، فخرج التاريخ لنا مسخا مشوها ، يستحي منه الكثيرون ، ويتناساه الأكثر ، وقنع المعظم أنه إذا كان السابقون الأولون علي هذه الشاكلة فكيف يرجي خير فيمن لحق .
جريمة أخري جريمة تشويه الواقع ، فكما طمسوا تاريخ المسلمين المشرق ، فليشوهوا واقعهم وحاضرهم ، وليشترك الإعلاميون والمربون من المستغربين ومن ورائهم الغرب في تغييب الأمة ، ولتسمي الأشياء بغير أسمائها ، فليكن الالتزام بالإسلام مرادفا للإرهاب ، وليكن الحجاب مرادفا للتزمت ، وليكن تطبيق الشرع مرادفا للرجعية والجمود والتخلف
أضف إلي ذلك ، أنه إذا أجرم مسلم في الغرب قالوا أجرم مسلم ، وإذا أجرم نصراني أوغيره ذكروه باسمه لا بدينه ، كما حدث في تفجير أوكلاهوما الشهير بأمريكا ، قالوا فعلها المسلمون ، فلما تبين أن الذي فعلها نصراني قالوا فعلها ماكزي باسمه .
إذا أساء مسلم قالوا أساء مسلم ، وإذا نبغ مسلم في علمه وتخصصه ، قالوا نبغ مصري او لبناني أو سوري أو باكستاني ، وصفوه بقوميته .
وآه من تصوير المسلمين الملتزمين بالإسلام في وسائل الإعلام.
جريمة كبري إلي جانب تزوير التاريخ جريمة تشويه الواقع .
جريمة ثالثة : هي تعظيم الغرب ، فبعد أن كسر رموزك الإسلامية في التاريخ والواقع ، رفع لك جدا من قيمة الغرب حتي لا يبقي أمامك خيار إلا الإتباع الذليل ، والتقليد الأعمى .
لقد عظموا سلاح الغرب ، ومدنية الغرب ، وأخلاق الغرب ، وعقل الغرب ،وأدب الغرب ، وفن الغرب ، بل وعظموا لغة الغرب حتي أصبح الرجل يحرص علي تعليمها أولاده قبل لغته لغة القرآن الكريم .
ونتج عن هذه الجرائم أن أحبط المسلمون إحباطا شديدا ، رضخوا بعده للواقع ، وقنعوا بالتبعية ، ورضوا بالسير في ذيل الحضارة الغربية .
ومع ضخامة المؤامرة ، وبشاعة الكيد ، فإني أعود وأتعجب من جديد كيف يمكن لأمة يتوفر لديها ما يتوفر لنا، وما حبانا الله به دون غيرنا ، ثم هي بعد ذلك ، يعتريها شعور بالتبعية والتدني وتستسلم لذلك .
يا إخواني وأعزائي : كل ما ذكرناه من توصيف للحال ن وكل ما عددناه من جرائم ومؤامرات ،وتزوير وتشويه ،وخيانات وعملات، وكذب ونفاق ، واغتيالات وانقلابات ، وفساد ولعب بالمقدرات ، كل هذا وأكثر منه يقع تحت كلمة (ويمكرون) ، خذ الجانب الآخر في المقابلة (ويمكر الله والله خير الماكرين )
الله يا إخواني يقابل مكرهم بمكره (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالي عما يشركون ).
أيها المسلمون : إن كان أصابكم شيء من الإحباط فلكونكم لم تفهموا المعركة علي حقيقتها، ولم تدركوا الصدام بكامل أبعاده ، فهي ليست حربا بين المسلمين وأعدائهم -وإن كان ظاهرها كذلك – ولكنها في حقيقتها حرب بين الله وبين من مر ق عن طريقه وكفر بعبادته وارتضي غيره حكما ،وقبل غير كتابه شريعة ومنهاجا .
حرب بين الله وبين طرف صغير حقير من مخلوقاته -سبحانه - ، لكن الله سبحانه من رحمته بعباده المؤمنين ، ومن تفضله سبحانه ومنه عليهم جعلهم جنده وحزبه وأوليائه
المؤمنون يقفون امام الكافرين ملتزمين بمنهج ربهم في وقوفهم ، كما أمرهم يفعلون ، لايترددون ولا يفرون ، واثقين بنصره ، حافظين لعهده ، مستمسكين بوعده ، راغبين في جنته ، راهبين لناره ، مسلمين الأمر له ، معتمدين عليه ، لاجئين إليه .
إن هم فعلوا ذلك كان هو –سبحانه وتعالي جلت قدرته- المدافع عنهم ، الحامي لهم ، المؤيد لقوتهم ،الناصر لجيشهم ، الناشر لفكرتهم ، المنتقم من عدوهم ، واسمعوا وأنصتوا لكلام العلي الأعلى –سبحانه وتعالي _ حتي تفهموا المعركة علي حقيقتها وتدركوا الصدام بكامل أبعاده (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي )(إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا )(ومكروا مكرا ومكرنا مكرا ، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين )
أيها المسلمون المعتزون بإسلامهم المستمسكون بدينهم ، هل تعلمون من تعبدون ، وإلي أي ركن تأوون ؟! إنكم تعبدون الله وتأوون لركنه الشديد .
أو إذا جلس المتآمرون في أي ساعة من ليل أو نهار يدبرون ويخططون أهم بعيدون عن علمه (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ).
أو إذا أطلق المتآمرون صاروخا أو رصاصة أو أثاروا شغبا هنا أو هناك أيحدث ذلك بغير علمه سبحانه (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) .
يا إخواني ربنا يخاطبنا (ولا تهنوا ، ولا تحزنوا ، وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ،
إخواني الكرام :
آيات كثيرة ساقها المولي –عز وجل –في محكم كتابه ، تعمق الأمل ، وتزرع التفاؤل ،وتؤكد النصر للذين استجمعوا شروطه ، وأحاديث شرحت وفصلت ،وبينت وأكدت ، ثم هو التاريخ يدور دورته ، وسنن الله تعالي لا تحابي أحدا .
وهذا ما نتمم به موضوعنا في لقائنا المقبل إن شاء الله ، وإلي أن نلتقي أستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم
اللهم لك أسلمنا ، وبك آمنا ، وعليك توكلنا ، وإليك حاكمنا ،وفيك خاصمنا ، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أنت أعلم به منا .
اللهم إنا نسألك العزيمة علي الرشد ، والاستقامة علي الأمر ،اللهم أحينا علي الإسلام ، وتوفنا علي الإسلام ، واحشرنا في زمرة المسلمين غير خزايا ولا نادمين ، ولا مبدلين ولا مغيرين ، ولا مقصرين ولا مفرطين .
اللهم رد عنا وعن أمتنا كيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، وسوء المتربصين ، وجهل الجاهلين ، وانتحال المبطلين .
اللهم احقن دماء المسلمين ، وصن حرمات المسلمين ، واحفظ أعراض المسلمين ، واستر عورات المسلمين .
اللهم رد المسلمين إلي دينك مردا جميلا ، اللهم اهد رجال المسلمين ، واهد نساء المسلمين ،واهد شباب المسلمين ، واهد فتيات المسلمين ، اللهم واهد ابنائنا وبناتنا ، احيهم بمعرفتك ، ربهم علي دينك ، أنشئهم في طاعتك ، واصنعهم علي عينك .
اللهم واجعل عاقبة امرنا رشدا ، ومنتهي مآلنا جنة عرضها السماوات والأرض اعدت للمتقين .
وأقم الصلاة
(الصلاة :تلاوة الآيات من 59: 67 سورة الأنعام )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق