الجمعة، 29 نوفمبر 2013
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013
الشاعر محمد جودة فى مؤتمر الدفاع عن سجناء الرأى بالإسكندرية
http://www.youtube.com/v/8XIuRHurgSs?autohide=1&version=3&attribution_tag=KmUzJhi4b8lBTvXppreSZQ&autoplay=1&autohide=1&showinfo=1&feature=share
انا كافر (قصيدة لمحمد جودة)في مؤتمر يلا نفضحهم لمركز ضحايا
http://www.youtube.com/v/lCmLoqkHzis?version=3&autohide=1&showinfo=1&autohide=1&feature=share&autoplay=1&attribution_tag=ZsA7GCbisz2QosDVYlttVw
علي جدار السجن (قصيدة لمحمد جودة)في مؤتمر يلا نفضحهم
http://www.youtube.com/v/HGqh6MNgrPc?autohide=1&version=3&attribution_tag=oWx5FAQ3Pq3ZCslsopga2w&feature=share&autoplay=1&autohide=1&showinfo=1
قصيدة حنتكلم للشاعر محمد جودة
http://www.youtube.com/v/yQSDaZMbNrY?version=3&autohide=1&autohide=1&feature=share&showinfo=1&autoplay=1&attribution_tag=OBodXhBilbmTOLPt5oDhpQ
انشودة عم بدق محمد بشار طيور الجنة 2011
http://www.youtube.com/v/-VGv2G_bLTo?version=3&autohide=1&showinfo=1&autohide=1&autoplay=1&feature=share&attribution_tag=5jBC0gzA9-8nrNRN4hv5dA
الاثنين، 4 نوفمبر 2013
رفيق حبيب: العد التنازلي لنهاية الانقلاب بدأ .. وعودة الشرعية مرهونة بصمود الميادين
فى دراسة بعنوان
رفيق حبيب: العد التنازلي لنهاية الانقلاب بدأ .. وعودة الشرعية مرهونة بصمود الميادين
2013-07-15 17:06:55
كتبه : إيمان إسماعيل
- هدف الانقلاب احباط المجتمع! - وترسيخ فكرة ان الاختيار بيد الجيش لا الشعب .
- استعادة النظام السابق وسيطرة الدولة العميقة على العملية السياسية وعودة الانتخابات الشكلية هدف العسكر
- الاخوان يتميزون بسياسة امتصاص الصدمات.. والانقلابيون ليس امامهم الا التراجع او التصعيد
اكد الدكتور رفيق حبيب - -أن الانقلاب العسكري أعاد النظام السابق ومنح الفرصة كاملة للدولة العميقة ومنح شركات الفساد الفرصة لاستعادة سيطرتها على مقدرات البلد.
وقال د. رفيق فى دراسة بعنوان " مذبحة الفجر.. السيناريو العنيف للانقلاب" أن مذبحة الفجر أمام نادي الحرس الجمهوري حدث تاريخي فاصل، يوضح الصورة الكاملة للانقلاب الذي حاول أن يزين نفسه بشعارات ثورية زائفة.
وأوضح أن المجتمع المصري في حالة ضعف ولم يتبع الثورة صحوة مجتمعية فلم يكتمل تحرر المجتمع وسقطت قطاعات منه في غفلة، جعلت بعضه يشارك في عودة الاستبداد مرة أخرى دون أن يدري والبعض الآخر كان على دراية تامة لافتا الى أن عدم الافاقة المجتمعية تسببت في جعل مواجهة الثورة المضادة ضعيفة.
وأشار د. رفيق الى أن هدف الانقلاب الرئيسي هو نشر رسالة احباط في المجتمع، تجعل عامة الناس يدركون أن الديمقراطية ليست حلاً، وان خياراتهم ليس لها اي قيمة، وان السلطة لا تاتي من صدنوق الاقتراع، وجعل السلطة بيد الجيش لا الشعب!
وأضاف أن الانقلاب العسكري يهدف إلى تحويل الديمقراطية إلى ديمقراطية نخبوية يسيطر عليها تحالف حاكم، ويتاح لعامة الناس الاختيار، بين البدائل التي يسمح بها التحالف الحاكم؛ مؤكداً أن الانقلاب يبني واقعاً بدعم عربي سعودي وغربي أمريكي يقوم على طبقة حاكمة تستأثر بالحكم وتستند على نخبة عسكرية مسيطرة ونخبة مدنية مسيطرة على أجهزة الدولة، خاصةً القضاء والشرطة ونخبة علمانية مسيطرة على الفضاء السياسي، ونخبة إعلامية مسيطرة على وسائل الإعلام، ونخبة من رجال الأعمال مسيطرة على الاقتصاد،.
وأوضح د. رفيق أن تقويض عملية التحول الديمقراطي جاء بعد نجاحات تحققت في المرحلة الأولى بعد الثورة، والتأكد أن خيارات عامة الناس ليست في مصلحة الطبقة المنتمية للنظام السابق، ولا شبكة المحسوبية التي بناها ، ولا في مصلحة القوى الاقليمية الدولية التي تحالفت مع هذا النظام .
وأكد أن الانقلاب العسكري خلف حالة تقوم على مساومة الناس أن يختاروا بحرية لكن سيتم محاصرتهم اقتصادياً كما حدث في المرحلة الأولى في عهد الدكتور محمد مرسي أول رئيس منتخب أو يقبلوا بالخيارات التي تفرض عليهم مقابل عدم محاصرة مصر اقتصاديا، موضحاً أن كل المال المتدفق لحكومة الانقلاب يذهب دون تنمية حقيقية لان من حاولوا تحقيق التنمية الحقيقية وهو الدكتور محمد مرسي قام في وجهه انقلاب عسكري وتساءل هل يعقل لحكومة انقلاب أن يسمح لها بتحقيق اي تنمية؟!
وكشفت الدراسة أن هدف الانقلاب النهائي هو سيطرة الدولة العميقة باجهزتها المختلفة على العملية السياسية بحيث تصبح الانتخابات شكلية ولا تاتى الا بمن تؤيده الدولة العميقة بعد ان تصبح الحاكم الفعلي المستند لقوة الجيش.
واشارت الى أنه إذا ظل وجود أنصار الشرعية في الشارع، فإن بقاء أنصار الانقلاب في الشارع يصبح ضروريا ولو بشكل متقطع حتى يثبت قادة الانقلاب أنهم مازالوا يتمتعون بتأييد الشارع، مؤكداً انه اذا استمرت مبارايات الحشد فإن الانقلاب العسكري لن يتحقق له الاستقرار .
وأوضح د. رفيق أن قادة الانقلاب يحاولون تحقيق شرعية الصمت، بصمت الشارع على ما حدث حتى تصبح موافقة ضمنية على خريطة الانقلاب، مشيراً إلى أنه ليس أمام مؤيدى الشرعية إلا البقاء في الشارع، مما يجعل عملية الاحتكام للشارع باقية، لأن مؤيدى الشرعية هم أول من رفضوا الاحتكام له الا انهم مرغمون لان عملية الاحتكام للصندوق تم تقويضها.
وقال أن من خطط للانقلاب حاول أن يجعل أغلب المجتمع يعارض الرئيس مع اخفاء الحشود المؤيدة، مشدداً على أن بقاء المؤيدين في الشارع سيظهر أنهم الأغلبية الحقيقية، ويؤدى الى استعادة قواعد العملية الديمقراطية من جديد وعودة الاحتكام لصناديق الاقتراع الحرة والنزيهة .
وأكدت الدراسة أن هدف مجزرة الحرس الجمهوري كان بث حالة من الرعب والخوف في نفوس أنصار الشرعية ، بالاضافة الى ردعهم عن الاعتصام في ذلك المكان، حتى لا ينجحوا في فك أسر الرئيس من الحبس مشيراً الى هدف آخر وهو تشويه صورة الاخوان وتصويرهم على انهم جماعات ارهابية مسلحة حتى ينفض الناس من حولهم، بالاضافة الى اجراء عملية اقصاء دموي للاخوان لابعادهم عن الحياة السياسية وعدم العودة اليها الا بعد سنوات طوال.
واوضح د. رفيق أن ربط المتحدث العسكري بين التظاهر السلمي وما يحدث في سيناء كشف مخطط الانقلاب الذي يهدف لاستعادة شعارات الحرب على الارهاب، التى تحظى بدعم أمريكي
وقال أن قادة الانقلاب يستخدمون سياسة الصدمة والرعب بجانب العنف المنهجي ضد أنصار الشرعية، من خلال توجيه ضربات مؤلمة ومتتابعة، لردع أي محاولة احتجاج، لافتا الى أن الاخوان والمؤيدين يتبعون سياسة امتصاص الصدمات، مما يدفع الانقلابيين إلى إما التراجع او اتخاذ اجراءات أكثر تهوراً.
وأشار د. رفيق الى ان وجود الرئيس تحت الاقامة الجبرية يرجع إلى سببين أولهما للضغط عليه لفض الاعتصام، والثانى قد يكون هناك طرف يتم الحوار والتفاوض معه ومساومته، كاشفاً أن قادة المعارضة لديهم تخوف حقيقي من وجود رئيس له شرعية يمشي وسط أنصاره حيث لا يمكنهم الغاء تلك الصفة عنه، واذا كانوا هم يمتلكون السلاح فان المؤيدين يمتلكون الشرعية ولابد للشرعية أن تنتصر.
واضاف أن جماعة الاخون المسلمين لانها الأكثر تنظيما مستهدفه في المقام الأول من الانقلاب العسكري لكسر ارادتها، وتعقب القوى الاسلامية الاكثر شعبية ، حتى يسهل بعد ذلك السيطرة على المجتمع واخضاعه، موضحاً أنه أمام معركة الإرادة ليس أمام أنصار الشرعية الا الصمود والبقاء والاحتجاج والاعتصام، حتى يتأكد الانقلابيون ان ارادة قطاع واسع من الشعب لن تنكسر، وحتى تستفيق قطاعات اخرى من الشعب.
وأكد د. رفيق أن بقاء الدبابات في الشارع أمام المعتصمين السلميين يفشل الانقلاب، مشيرا الى أن ضعف الانقلاب في سلاحه وان قوة الشرعية في سلميتها لافتا الى أن الانقلاب لم ينجح لأن المجتمع رغم تعرضه لتضليل مستمر لا يمكن أن يظل غافلاً عما يحاك له، من النظام الاستبدادي العسكري الذى يعد خطرا على المستقبل،
واوضحت الدراسة أنه مع اتساع الفارق بين مسار الانقلاب ومسار الحفاظ على الشرعية تبدأ مرحلة انتكاسة الانقلاب وعودة الثورة لمسارها الصحيح مشيرة الى أن متابعة ميزان الردع بين الانقلاب العسكري وبين انصار الشرعية منذ اول يوم يكشف ان الانقلاب العسكري يخسر كل يوم، وحركة انصار الشرعية تكسب كل يوم مما يؤكد أن الزمن ليس في صالح الانقلابيين وانما في صالح الشرعية، وان العد التنازلي لنهاية الانقلاب العسكري بدأ.
العبور إلى النظام السياسي الجديد- د .رفيق حبيب
العبور إلى النظام السياسي الجديد
10/03/2013 - 10:36am
تتشكل بنية النظام السابق من عدة مكونات أساسية، وهي:
1- رأس النظام الذي أسقطته الثورة.
2- نخبة الدولة المهيمنة عليها، والتي تسمى الدولة العميقة، بكل مكوناتها في المؤسسات المدنية والعسكرية والشرطية والقضائية للدولة.
3- شبكة رجال الأعمال وأصحاب النفوذ، بكل أذرعها في الإعلام والاقتصاد والبنوك، وأيضا في عالم الجريمة والبلطجة.
4- الكتل الاجتماعية المؤيدة للنظام السابق، والتي استفادت من زمنه، بما في ذلك العائلات والقبائل التي تحالفت مع الحزب الوطني المنحل، وعائلات أصحاب النفوذ والجاه في أجهزة الدولة، وعائلات المنتمين للمؤسسات المركزية في الدولة، مثل القضاء والجيش والشرطة، وأيضا الشرائح الاجتماعية المستفيدة من سياسات النظام السابق.
2- نخبة الدولة المهيمنة عليها، والتي تسمى الدولة العميقة، بكل مكوناتها في المؤسسات المدنية والعسكرية والشرطية والقضائية للدولة.
3- شبكة رجال الأعمال وأصحاب النفوذ، بكل أذرعها في الإعلام والاقتصاد والبنوك، وأيضا في عالم الجريمة والبلطجة.
4- الكتل الاجتماعية المؤيدة للنظام السابق، والتي استفادت من زمنه، بما في ذلك العائلات والقبائل التي تحالفت مع الحزب الوطني المنحل، وعائلات أصحاب النفوذ والجاه في أجهزة الدولة، وعائلات المنتمين للمؤسسات المركزية في الدولة، مثل القضاء والجيش والشرطة، وأيضا الشرائح الاجتماعية المستفيدة من سياسات النظام السابق.
وإذا كان رأس النظام السابق سقط بالثورة، فإن معركة تفكيك الدولة العميقة بدأت بانتخاب أول رئيس مدني، تقف وراءه جماعة منظمة ولها حضور اجتماعي واسع، وهي جماعة الإخوان المسلمين.
أما شبكة المال والنفوذ، فظلت في معارك مستمرة مع الثورة، وقادت حرب الإشاعات، وأيضًا بث القلاقل، وهي في الحقيقة الطرف الثالث، الذي حول المظاهرات إلى مشاهد دامية. وبعد فشل كل محاولة من محاولات الانقلاب على الثورة، تعود شبكة المال والنفوذ إلى رهانها الأهم، وهو تحويل قوى النظام السابق، وقواعدها الشعبية، إلى قوة سياسية جديدة، يكون لها دور محوري في العملية السياسية بعد الثورة.
وفي مسار الثورة العديد من التحديات، وأول هذه التحديات هي الوصول إلى نظام سياسي جديد، يحل محل النظام السياسي السابق. وليس المطلوب فقط القضاء على الاستبداد والفساد، بل المطلوب بناء نظام سياسي على أسس جديدة، تقطع الصلة بالنظام القديم، وتبني منظومة سياسية جديدة.
لذلك اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين إستراتيجية التقدم إلى الأمام، وإنهاء المرحلة الانتقالية، باعتبار ذلك هدفًا استراتيجيًّا محوريًّا. فالمرحلة الانتقالية مثلت في الواقع، الفرصة السانحة لإجهاض الثورة، وإنهاء الحماس الثوري، وإحباط الرغبة الشعبية في التغيير والإصلاح. فالمرحلة الانتقالية، بعد أي ثورة، تعد أصعب المراحل، والتي يمكن أن يفقد فيها عامة الناس الرغبة في التغيير، ويظهر لديهم ميل إلى الوصول إلى حالة الاستقرار، حتى وإن كان ذلك بعودة النظام السابق. وهو ما راهنت عليه قوى النظام السابق، وعملت على إطالة المرحلة الانتقالية، وتحويلها إلى حالة شبه فوضى، حتى تيأس عامة الناس من التغيير. لذا كانت جماعة الإخوان المسلمين تحاول تأمين مسار الانتقال من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار، حتى يتحقق الاستقرار مع نظام سياسي جديد، وهو ما يساعد على الحفاظ على قوة دفع الثورة، ورغبة عامة الناس في تحقيق التغيير والإصلاح.
ومن الملاحظ، أنّ أغلب القوى الإسلامية، كان لديها نفس الموقف، فهي تتجه إلى بناء المؤسسات السياسية، والحفاظ على الشرعية الانتخابية المتولدة من الإرادة الشعبية، حتى يتم الخروج من المرحلة الانتقالية، لأن الوصول إلى مرحلة استكمال بناء النظام السياسي الجديد، تؤدي بالفعل إلى قطع العديد من الروابط مع النظام السابق، وتفتح صفحة جديدة في التاريخ السياسي بعد الثورة. وهو ما جعل التحالف بين جماعة الإخوان المسلمين والقوى الإسلامية الأخرى، عاملاً حاسمًا في تأمين مسار المرحلة الانتقالية، والولوج إلى مرحلة الاستقرار السياسي.
وأهم ما في هذه المعركة، هو دفع قوى النظام السابق إلى التعايش مع التحول الديمقراطي الحقيقي، وفرض واقع جديد يقوم على الإرادة الشعبية الحرة. واقع يقوم على التعددية السياسية، ويجعل المجال السياسي مفتوحا أمام العديد من القوى السياسية، ويمنع بالتالي أي محاولة لفرض هيمنة قوى النظام السابق على الحياة السياسية، من خلال أي ديمقراطية شكلية.
وتلك كانت أهم معركة، فالديمقراطية يمكن أن تكون شكلية، أو يتم هندسة الانتخابات بصورة لا تعبر عن الإرادة الشعبية الحرة؛ لذلك كانت معركة الانتخابات بداية من انتخابات مجلس الشعب، ثم الانتخابات الرئاسية، من أهم المعارك التي حققت بالفعل تداولاً سلميًّا للسلطة، وجعلت خيارات عامة الناس حاسمة في تحديد السلطة المنتخبة، مما منع تأسيس أي ديمقراطية شكلية.
وكانت معركة فك هيمنة بعض أجهزة الدولة على الحياة السياسية، خاصة بعض المؤسسات القضائية، من أهم المعارك، التي تحرر المجال السياسي، وتجعل الديمقراطية حقيقية، لا شكلية.
والملاحظ أن كل المحاولات التي قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم مؤسسات قضائية، باءت بالفشل. ففي النهاية صدر الدستور عن لجنة منتخبة من ممثلي الشعب، حسب إرادة عامة الناس التي اختارت هذا الطريق في الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ كما انتخب أول رئيس مدني من أهم القوى المعارضة للنظام السابق، وهي جماعة الإخوان المسلمين، مما جعل كل محاولات العرقلة والسيطرة تفشل في النهاية، وهو ما أعطى الثورة قوة واقعية وعملية، بتحقيق عملية مستمرة من التغيير، رغم كل العقبات.
وبهذا وضعت قوى النظام السابق أمام تحدٍ حقيقي، لأنها لم تستطع وقف مسيرة الثورة، أو تحويل هذه المسيرة في غير الطريق الذي يحقق تحرير الإرادة الشعبية، لأن تحرير إرادة عامة الناس، يجعل الإرادة الشعبية هي مصدر السلطات، ومصدر النظام السياسي، مما ينهي احتمالية سيطرة أي طرف على العملية السياسية.
تفكيك الدولة العميقة
تمثل شبكة المصالح المسيطرة على الدولة، والتي تديرها نخبة الدولة، وتشكل الدولة العميقة أو الدولة الخفية، أهم تحدٍ يواجه عملية الإصلاح والتغيير. لذا أصبح تفكيك الدولة العميقة، من أهم معارك الثورة، فلا يمكن لثورة أن تنجح إلا من خلال إصلاح جهاز الدولة، وتحويل الدولة إلى مؤسسة خاضعة للإرادة الشعبية الحرة، وخاضعة بالتالي لمطالب عامة الناس. فالدولة في ظل النظام السابق، كانت أداة الاستبداد والهيمنة، التي أضعفت المجتمع وسيطرت عليه، وأهدرت مصالح عامة الناس. لذا أصبح
تحويل دور الدولة من أداة للقهر والسيطرة، إلى أداة لخدمة المجتمع، يمثل تحديًا وهو تحدٍ متعدد الجوانب، لأن بقاء الدولة المهيمنة، يعني بقاء النظام السابق مسيطرًا على الدولة، وبقاء سيطرة النظام السابق على الدولة، يعني ضمنا حصار السلطة المنتخبة، وشل فاعليتها، وإفشال عملها، حتى يشعر الناس بالإحباط واليأس، وهو ما يساعد على تكوين قناعة لدى عامة الناس، بفشل الديمقراطية في تحقيق مطالبهم، وتحقيق أهداف الثورة.
الملاحظ أن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، اعتمدا إستراتيجية التفكيك المتتالي للدولة العميقة، وهو ما تبناه الرئيس محمد مرسي بعد انتخابه، فعملية التفكيك تبدأ بتفكيك العلاقة بين الكتل الاجتماعية والدولة العميقة، من خلال تأمين الأوضاع الخاصة بالكتل التي أيّدت النظام السابق، والبعد عن أي عملية انتقام أو تصفية حسابات، حتى تستقر أوضاع العائلات والكيانات الاجتماعية المؤيدة للنظام السابق، وحتى لا تبقى في حالة خصومة مع الثورة. وكان من أهم تلك الخطوات، بث الاطمئنان في نفوس عائلات العاملين في أجهزة الشرطة والقضاء والجيش، باعتبارها أكثر المؤسسات التي ارتبطت أوضاعها بالنظام السابق.
والهدف من ذلك، أن لا تكون تلك الكتل الاجتماعية جزءًا من الدولة العميقة، وبالتالي مشاركةً في عملية إجهاض الثورة، لأن مشاركة كتل اجتماعية في إجهاض الثورة أو الانقلاب عليها، يمكن أن يؤدي إلى نزاعات أهلية حادة. وتفكيك علاقة تلك الكتل بالدولة العميقة، يؤدي إلى حدوث تباين في المصالح، بين مكونات النظام السابق، مما يفكك من ترابطها، ويجعل لكل منها موقفًا مختلفًا. ومع مرور الوقت، يتضح أن مخاوف الكتل الاجتماعية المرتبطة بالنظام السابق، ليست في محلها، مما يجعلها تغير نظرتها للثورة، ولا تشعر أن الثورة ضدها.
ويتزامن مع هذا، تفكيك الروابط بين مؤسسات الدولة العميقة، من خلال دفع بعضها لتغيير مواقفه، وهو ما حدث أولاً مع القوات المسلحة، والتي خرجت من الدور السياسي المباشر، وأصبحت تجد دورها في الدفاع عن الأمن القومي، وهو ما يجعل لها حضورًا، ولكن بصفتها الوظيفية، وبدون أي صفة سياسية.
أفقد تفكيك الانخراط السياسي للقوات المسلحة، مؤسساتٍ قضائية غطاءً مهمًّا، وإن كانت تلك المؤسسات القضائية انخرطت أكثر في العملية السياسية، بعد خروج القوات المسلحة منها، لتعوض الخسارة التي حدثت لقوى النظام السابق والدولة العميقة، بخروج القوات المسلحة من العملية السياسية.
وقد دخلت مؤسسة الرئاسة في عدة معارك مع الدور السياسي لمؤسسات قضائية، حتى استطاعت الحد من أثره، واستطاعت أيضًا إبراز الأثر السلبي لأي دور سياسي لأي مؤسسة قضائية. وهو ما أدى إلى تفكيك مواقف المؤسسات القضائية، بعد أن بات واضحًا أن مؤسسة القضاء كلها قد تواجه خطرًا على هيبتها، بسبب انخراط بعض المؤسسات القضائية في العملية السياسية. وكان اشتراك القضاة في الإشراف على استفتاء الدستور، انتصارًا مهمًّا، حيث تباينت مواقف المنتمين للمؤسسة القضائية، ولم يعد موقفهم موحدًا. كما كان تغيير النائب العام، جولة أخرى في تلك المعركة، لتفكيك الذراع القضائي للنظام السابق.
ومن خلال التفكيك المتتالي، لروابط وشبكات الدولة العميقة، وتغير الولاءات بداخلها، من الولاء للنظام السابق، للولاء للدور والوظيفة، وللدولة كجهاز يملكه المجتمع، تتم عملية تفكيك الدولة العميقة، والتي تستغرق وقتًا، ولكنها تأخذ منحى تصاعديًّا. فكلما تم تفكيك أجزاء مهمة منها، أصبح تفكيك الأجزاء الأخرى أسرع. ولهذا كان وصول رئيس يمثل معارضة النظام السابق، وينتمي لجماعة كانت في قلب الثورة، ويعتبرها النظام السابق خصمه الأول، عاملاً مهمًّا في تفكيك الدولة العميقة، أما فوز مرشح النظام السابق في الانتخابات الرئاسية، فقد كان يمثل فرصة لمأسسة الدولة العميقة، والحفاظ عليها، وتأمينها، بحيث تظل اللاعب الرئيس في العملية السياسية، والطرف المهيمن على السلطة.
التفكيك الجزئي المتتالي
اعتماد إستراتيجية التفكيك الجزئي المتتالي، وعدم اللجوء إلى إستراتيجية المواجهة الشاملة مع الدولة العميقة، تمثل في الواقع سببًا لنجاح تلك المواجهة. فالتفكيك المتتالي يضعف الولاءات داخل منظومة الدولة العميقة، في حين أن المواجهة الشاملة، تؤدي إلى تقوية هذه الولاءات، لأن المواجهة المرحلية والجزئية، تبدل في مصالح المنتمين لشبكة الدولة العميقة، مما يفكك روابطها. وبهذا تصبح مواجهة الدولة العميقة عملية طويلة الأمد نسبيا، ولكنها تحقق نجاحا جزئيًّا متتاليًا.
تغيير السياسات
المتابع لإستراتيجية جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، والقوى الإسلامية الرئيسة، يكتشف أنها تقوم على التغيير والإصلاح التدريجي، والذي يمكّن من إحداث تراكم مستمر لسياسات جديدة، تفصل الواقع السياسي عن منظومة النظام السابق، وتحقق القطيعة معه، مما يؤدي إلى تشكل سياسات جديدة، تغير تلك السياسات التي بنيت عليها الدولة. والمنهج التدريجي في التغيير والإصلاح، يؤخر القطيعة مع النظام السابق، ويهدد مسار التغيير بعودة سياسات النظام السابق، ولكنه يضعف مقاومة قوى النظام السابق وحلفائها، ويقلل من المبررات التي تدفع للمواجهة الشاملة، ويفشل محاولات حشد كل الكتل المستفيدة من سياسات النظام السابق، ضد الثورة.
فالمتابع لمسار الثورة، يجد أن التغيير التدريجي المحسوب لسياسات النظام السابق، يقلل من تماسك قوى النظام السابق، ويخفض درجة التوتر والقلق التي تنتاب المجموعات المستفيدة من سياسات النظام السابق، كما يقلل من حالة العداء الخارجي للثورة، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. ورغم ما حدث من مقاومة وحشد ضد الثورة، داخليًّا وخارجيًّا، إلا أنه في الواقع أقل مما يمكن حدوثه، في حالة اللجوء إلى تغيير سياسات النظام السابق كليا ومرة واحدة.
وبسبب هذا النهج التدريجي، تتحمل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وأيضًا الرئيس المنتخب، الكثير من الأعباء من قبل الرأي العام، والذي يريد تغييرًا سريعًا وواسعًا وشاملاً. ولكن هذا العبء في نظر جماعة الإخوان المسلمين، يمكن تحمله، حتى تتحقق الأهداف الكلية للثورة، مرحليًّا وجزئيا، ويكتشف الرأي العام، نجاعة الإستراتيجية التي اتبعتها الجماعة والحزب والرئيس. يمكن تغيير العديد من السياسات كليًّا، مما يعطي انطباعًا لدى الرأي العام بحدوث تغيير واسع، لكن ثمن هذا التغيير سيكون كبيرًا، وقد يمكّن القوى المعادية للثورة، من تحقيق انقلاب فعلي عليها، مستفيدة مما قد ينتج من التغيير السريع والواسع من تحديات دولية وإقليمية، قد تهدد المصالح الآنية للمجتمع.
فرغم أن الرأي العام راغب في حدوث تحولات كبرى بعد الثورة، إلا أنّه غير مؤهل لتحمل أعباء تلك التغييرات. ومعنى ذلك، أن التغيير السريع قد يلاقي ترحيبًا من الرأي العام، ولكن ثمن هذا التغيير، سوف يدفع الرأي العام، للانقلاب على عملية التغيير، لأنّه غير مؤهل لتحمل هذا الثمن.
وهنا يظهر جزء مهم من إستراتيجية جماعة الإخوان المسلمين، حيث أنّها تفضل تحمل قدرًا من اللوم من الرأي العام مرحليًّا، حتى تظهر للرأي العام حقيقة مواقفها، ومدى مناسبة قراراتها لحماية الثورة وتحقيق أهدافها، على أن ترضي الرأي العام، ثم تعرضه لدفع ثمن التعجل في اتخاذ القرار، فتخسر الجماعة في النهاية؛ أي أنّ الجماعة تفضل أن تدفع هي ثمنًا لمواقفها في المدى القصير، عن أن ندفع ثمنًا في المدى الطويل، وتفضل أن تتحمل هي ثمنًا لبعض المواقف، على أن يتحمل المجتمع ثمنًا أكبر لمواقف قد ترضيه ولكن تكلفه. وبهذا تتحمل الجماعة خسارة الرأي العام جزئيًّا ومرحليًّا، حتى لا تخسر الرأي العام على المدى الطويل.
ومع التغيير المتتالي للسياسات، يتشكل وعي جديد بالنظام السياسي، مما يحول دون استعادة سياسات النظام السابق، وهو ما جعل لعملية وضع الدستور أهمية خاصة، حيث أنّها تمثل تغييرًا في الأسس التي تبنى عليها سياسات سلطات الدولة. ولهذا ركزت جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة على أهمية تأمين عملية وضع الدستور الجديد، والاستفتاء عليه، وهي العملية التي أتمّها الرئيس مرسي بنجاح، رغم ما تعرض له من معارضة وهجوم شرس، ولكنه كان يدرك أن أي ثمن يدفع اليوم من أجل إنجاز الدستور الجديد، هو ثمن عارض، في حين أن بقاء البلاد بدون دستور، وبدون استكمال مؤسسات الدولة المنتخبة، كان من الممكن أن يعرض الثورة لمخاطر أكبر.
المصدر: موقع علامات أون لاين.
الدولة والإخوان بين ثورتين-د . رفيق حبيب
الدولة والإخوان بين ثورتين
26/03/2013 - 5:12pm
شاركت جماعة الإخوان المسلمين في ثورتين؛ ثورة يوليو 1952، التي بدأت كانقلاب عسكري، ثم تحولت إلى ثورة شعبية بحكم التأييد الشعبي لها، وثورة يناير 2011، التي بدأت كثورة شعبية، واستمرت كذلك. واختلف دور جماعة الإخوان المسلمين في الثورتين؛ ففي ثورة يوليو، طلب تنظيم الضباط الأحرار بقيادة جماعة عبد الناصر، من الإخوان المسلمين، تأييد حركة الجيش، وكان عبد الناصر نفسه، عضوًا في الجناح العسكري لجماعة الإخوان، وأصبح في بعد ذلك مسئولاً عنه، ثم ترك الجماعة بالاتفاق معها، حتى يتمكن من تجميع ضباط من مختلف الاتجاهات، وحتى لا يكون لتنظيم الضباط الأحرار توجه إسلامي ظاهر. وأيدت جماعة الإخوان المسلمين حركة الجيش منذ اللحظة الأولى، بعد اتفاق تم قبل بداية الحركة مع جمال عبد الناصر. وكان من أهم الأدوار التي قامت بها جماعة الإخوان، أنها مهدت سريعًا لتحول الحركة إلى ثورة تلقى تأييدًا شعبيًّا، لأنها كانت أول كيان شعبي يؤيد الثورة ويحشد لها.
ولكن الاختلاف بين حركة الضباط الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين، كان حتميًّا في النهاية، لأن حركة الضباط الأحرار لم تكن تحمل مشروعًا إسلاميًّا، وجماعة الإخوان المسلمين تحمل مشروعًا إسلاميًّا، حاولت حركة الضباط الأحرار، أن تقنع الإخوان أن مشروعها إسلامي، ولكن هذا لم يكن حقيقيًّا، وهو ما تأكد في الأيام الأولى للثورة. فقد كانت حركة الضباط الأحرار، تحاول بناء الدولة القوية والجيش القوي، على النمط الحديث المستمد من الغرب. كما أن حركة الضباط الأحرار، شُكلت على أساس أن لا تكون لها هوية سياسية محددة، وجمعت اتجاهات مختلفة، وكان منها بالطبع من انتمى لجماعة الإخوان المسلمين، مثل جمال عبد الناصر.
لذا لم يكن المشروع يوحد بين حركة الضباط الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين، ولم تكن حركة الضباط مستعدة لفتح الباب أمام تنافس المشاريع المختلفة، ولم تكن مستعدة بالطبع لفتح الباب أمام المشروع الإسلامي فقط، بل كانت في الواقع تميل لحصر القيادة في النخبة العسكرية، لتبني المشروع الذي تحمله الحركة، وهو لم يكن مشروعًا واضحًا أو محددًا من البداية، ولكنه تشكل عبر الوقت.
والثابت الوحيد في توجه حركة الضباط الأحرار، كان بناء الدولة وتحقيق التنمية، بعيدًا عن الممارسة السياسية الديمقراطية، وعلى نمط الدولة الحديثة في الغرب، لذا كان توجه جمال عبد الناصر في الخمسينات رأسماليًّا، ثم تحول ببساطة إلى التوجه الاشتراكي في الستينات، لأن توجهه قام أساسًا على توازنات القوى الدولية، وارتبط بالقوة التي تسانده دوليًّا، فتبنت دولة يوليو، التوجه السياسي للقوى الدولية التي تساندها، واستمر هذا في عهد السادات ثم مبارك، فكان الانتقال بين الرأسمالية والاشتراكية، متوقفًا على القوى الدولية التي تساند دولة يوليو وحكامها.
لم تكن دولة يوليو مشروعًا للانفصال عن النموذج الغربي السياسي، ولم تكن مشروعًا للتحرر الحضاري، ولم تكن مشروعًا للاستقلال الكامل عن القوى الدولية، بل كانت فقط مشروعًا للتحرر من الاستعمار العسكري، وبهذا لم يكن طريق دولة يوليو مناسبًا أو متفقًا مع طريق جماعة الإخوان المسلمين، مما جعل الصدام والخلاف حتميًّا. ولم يخلُ عهد من عهود دولة يوليو من صدام مع جماعة الإخوان المسلمين. وكان كل عهد يبدأ بهدنة مع الإخوان، وينتهي بالصدام معها؛ بدأ عبد الناصر حركته بمشاركة الإخوان، وانقلب عليهم سريعًا، لأنهم في الواقع كانوا قوة موازية لحركته، وربما أكثر قوة وحضورا من حركة الضباط الأحرار.
وبدأ أنور السادات عهده، بهدنة مع جماعة الإخوان، استمرت في غالب عهده، لأنه اعتمد على إستراتيجية التوازنات السياسية أكثر من إستراتيجية الإقصاء السياسي، ولكن في النهاية اصطدم مع الجماعة، لاختلاف المشاريع والتوجهات، عندما اصطدم مع كل القوى الأخرى، ولم يكن عهد حسني مبارك مختلفًا، فقد بدأ بهدنة مع الإخوان، استمرت لأكثر من عقد من الزمان، ثم انقلب عليها، عندما رأى أن قوتها تتمدد على الأرض، وسوف تصبح منافسًا حتميًّا له.
وفي جوهر هذا الصراع، كان اختلاف المشروع هو سبب الصراع المستمر والممتد. فدولة يوليو لم تكن مشروعًا إسلاميًّا، ولا مشروعًا للاستقلال الحضاري، ولم تكن إلا إعادة إنتاج محلي للدولة القومية القطرية، أي الدولة المستوردة، التي أقامها الاستعمار في مصر، كما أقامها في غالب الدول العربية والإسلامية. لذا كان الخلاف الأبرز، بين جماعة الإخوان المسلمين ودولة يوليو، عبر كل عهودها، هو الموقف الحضاري، بين حركة تتبنى الاستقلال الحضاري الكامل، وبناء النهوض الحضاري الإسلامي، وبين دولة تتبنى التبعية الحضارية، وإن تبنت الاستقلال السياسي مرحليا، ولم تستطيع تحقيقه في النهاية، فلم تعد مشروعا للاستقلال فعلا.
وعبر كل هذا التاريخ الممتد من الصراعات والصدامات، جاءت ثورة يناير، وشاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين، وكانت العمود الفقري، أو الجزء المنظم القوي القادر على حماية الثورة في جميع مراحلها. فكما أن جماعة الإخوان المسلمين، خاصة في مصر، تمثل العمود الفقري للمجتمع، أي النواة الصلبة له، كذلك كانت الجماعة هي النواة الصلبة للثورة الشعبية المصرية، في جميع مراحلها.
ولأن الثورة المصرية كانت ثورة شعبية، لذا لم تكن لها قيادة، ولم يكن لها برنامج سياسي محدد، ولم تكن ثورة قامت بها الدولة، ولا انقلابًا عسكريًّا، مما جعلها ثورة المجتمع كله، لينال حريته. فهي ثورة بلا رؤية سياسية محددة، تضع القواعد الأساسية للحرية، وتفتح الطريق أمام تشكل دولة جديدة، ونظام سياسي جديد، حسب الخيارات الشعبية. فثورة يناير، تعد ثورة لتحرير الإرادة الشعبية، لتصبح مصدرًا للسلطات، مما يمكن المجتمع من تحقيق المستقبل الذي يريده، من خلال خياراته الحرة.
هنا تغير الصراع، وبدأت مرحلة الصراع المفتوح، أي الصراع الذي لا تحكمه قواعد محددة، أو مسار محدد، فهو صراع بين مكونات الماضي وميراثه، وفي نفس الوقت هو صراع بين كل مكونات الحاضر، وأيضا هو صراع حول المستقبل.
بين يوليو ويناير
ظل الصدام مستمرًّا بعد ثورة يوليو، بين النواة الصلبة للدولة، والنواة الصلبة للمجتمع، أي بين القوات المسلحة وجماعة الإخوان. وإن كان هذا الصراع ظهر للسطح في مرات وتوارى مرات أخرى، لكنه كان الصراع الأهم. فالنواة الصلبة للدولة، مثلت في الواقع المالك الحقيقي لها، وأصبحت الدولة والنظام السياسي مستندًا على القوات المسلحة، نظريًّا وعمليًّا، وأصبحت النواة الصلبة للدولة، هي التي تحمي الدولة والنظام، وهي التي خرج منها النظام، ويأتي منها رأس النظام. وكانت مشكلة النواة الصلبة للدولة، في وجود نواة صلبة للمجتمع، تشكل قوة موازية لها، ولها حضور اجتماعي. وكانت مشكلة دولة يوليو أساسًا، في وجود مجتمع قوي، يمكن أن يقبل سياسات الدولة أو يرفضها، وكان وجود عمود فقري للمجتمع، أي نواة صلبة له، يمثل تهديدًا مباشرا لهيمنة دولة يوليو على المجتمع المصري.
ظل الصدام مستمرًّا بعد ثورة يوليو، بين النواة الصلبة للدولة، والنواة الصلبة للمجتمع، أي بين القوات المسلحة وجماعة الإخوان. وإن كان هذا الصراع ظهر للسطح في مرات وتوارى مرات أخرى، لكنه كان الصراع الأهم. فالنواة الصلبة للدولة، مثلت في الواقع المالك الحقيقي لها، وأصبحت الدولة والنظام السياسي مستندًا على القوات المسلحة، نظريًّا وعمليًّا، وأصبحت النواة الصلبة للدولة، هي التي تحمي الدولة والنظام، وهي التي خرج منها النظام، ويأتي منها رأس النظام. وكانت مشكلة النواة الصلبة للدولة، في وجود نواة صلبة للمجتمع، تشكل قوة موازية لها، ولها حضور اجتماعي. وكانت مشكلة دولة يوليو أساسًا، في وجود مجتمع قوي، يمكن أن يقبل سياسات الدولة أو يرفضها، وكان وجود عمود فقري للمجتمع، أي نواة صلبة له، يمثل تهديدًا مباشرا لهيمنة دولة يوليو على المجتمع المصري.
فقد كانت إستراتيجية دولة يوليو تعتمد على الهيمنة الكاملة على المجتمع، وعلى إضعاف المجتمع في مقابل تقوية الدولة، حتى لا يكون هناك أي توازن بين قوة الدولة وقوة المجتمع، وحتى لا يستطيع المجتمع الوقوف في وجه الدولة، أو في وجه رأس النظام. ولأن دولة يوليو، أسست للهيمنة الكاملة والسيطرة الكاملة، باعتبارها منهجًا للسلطة، لذا كان وجود جماعة الإخوان المسلمين، يمثل تحديًا مباشرًا لسلطة وهيمنة الدولة. لأن الجماعة تمثل نواة صلبة، قادرة على تقوية المجتمع، وقادرة على تحريك المجتمع.
وبالفعل أثبتت التجربة التاريخية، أن دولة يوليو استطاعت تفكيك كل مؤسسات ومكونات المجتمع، وإضعاف كل قدرات المجتمع، وتعطيل العمل الأهلي، والقدرات المحلية للمجتمعات، وتعطيل كل قدرة للمجتمع على بناء نفسه، لكنها فشلت في تفكيك جماعة الإخوان المسلمين، فظلت الجماعة تمثل نواة صلبة عصية على أي تفكيك، حتى في أحلك المراحل.
ولم يكن هذا مصادفة، فقد كانت جماعة الإخوان المسلمين، تدرك أن قوتها أنّها تحمل فكرة، ولها تنظيم. وكانت تدرك أن التنظيم القوي هو القادر على حماية المشروع والحفاظ على الفكرة، والعمل على إبقاء الفكرة حية، فجماعة الإخوان لم تكن مجرد فكرة، تظهر وتختفي، بل كانت فكرة يحملها تنظيم، يحافظ على بقاء الفكرة، وكانت الجماعة تدرك أن التنظيم القوي، هو القادر على البقاء، رغم كل التحديات التي يواجهها. ولهذا ركزت الجماعة على التنظيم القوي المترابط، والقادر على الاستمرار والبقاء ومواجهة التحديات، والقادر على الاستمرار، عبر كل الظروف.
بهذا، أصبحت جماعة الإخوان المسلمين بالفعل، نواة صلبة في المجتمع، لم يستطع أحد تفكيكها، حتى إذا جاءت ثورة يناير، وخرجت النواة الصلبة إلى الشارع، تشارك في الثورة وتحمي الثورة، وتلتقي مرة أخرى وجهًا لوجه مع النواة الصلبة للدولة، وفي الشارع، بعد اللقاء الأول، في الأيام الأولى لثورة يوليو، عندما خرجت قوات الجيش إلى الشارع، وخرجت جماعة الإخوان المسلمين إلى الشارع أيضا، لتحمي حركة الجيش.
في هذه المرة، خرجت القوات المسلحة، لتحمي حركة الشعب، وبداخله جماعة الإخوان المسلمين.
في المرة الأولى، كانت الحركة للجيش والتأييد من الشعب، وفي المرة الثانية، أي في ثورة يناير، كانت الحركة للشعب، والتأييد من الجيش.
وفي المرة الأولى، خرجت جماعة الإخوان لتأييد حركة الجيش، وفي المرة الثانية خرج الجيش لتأييد الشعب، ومنه جماعة الإخوان المسلمين.
وبهذا اكتملت الدائرة، وأصبحنا أمام مرحلة جديدة بالفعل، فلم يكن من الممكن أن تنتهي المرحلة الأولى، بغير هذا اللقاء الرمزي، الذي جمع النواة الصلبة للدولة، والنواة الصلبة للمجتمع، مع تغير الأدوار، فأصبح الفاعل حاميا، وأصبح الحامي فاعلا، فبدأت مرحلة جديدة، وصفحة جديدة، هي صفحة الصراع بين دولة يوليو، ودولة يناير.
المصدر: موقع علامات أون لاين.